حُلم .. بيقظة الواقع

في تناقض بين يقظتي وبين ما قد نراه في النوم أصابتني أفكار وخلجات أبحرت بها نفسي على السبيل التمنّي تحت إطار الكينونة من عدمها وقد تعطّشتُ لدوافع ورغبَات لم تقَع بعد في الواقع ، ترجمتُ ذلك إلى سؤال أحسبه لمحة استطلاعية عمّا إذا كنتُ وحدي أحدث نفسي بتلك الطريقة أم أنّ الكل قد أصابه ذلك النوع من الحديث ؟! 
فكان السؤال عن ( أحلام اليقظة ) .. 

دعوني أقف موقف السائل الذي لا ينتظر إجابة القاريء ولكن ينتظر من القاريء جواباً يخصّه هو ! 

بدايةً لنتفّق على أن ( التخيّل ) طريق البداية للوصول إلى نهاية الاستجابة لتلك الأحلام ودوافعها ، موضَّحاً ذلك لاحقاً

- لماذا نرى أموراً بينما تكون أعيننا مغلقة ؟
- هل تدرّبنا على التخيّل أم أنه مرحلة لم تكن تنفك عنَّا منذ طفولتنا ؟ 
- لماذا تجوع أو تتساقط قطرات لعابك عندما تتخيّل صحنا تشتهيه ؟ 
- لماذا يتمتم الشاعر بكلمات العشق إن تخيّل جمالاً استفزّ قريحته ؟ 
- لماذانحاول رسم الشكل المناسب لأصواتاً نسمعها ولا نراها ؟ 
- أخبرني عن سبب سقوط دمعة حزن عند ذكر شخص ما قد فقدناه والعكس ؟ 
- هل تقرأ القرآن وتتمعّن متخيّلاً معانيه وتلك القصص الواردة فيه ؟ 

فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، لكن ! 
- لماذا لا نكفّ عن محاولة تخيل اليسير من نعيم الجنة أو حتى عذاب النار ؟ 

- هل سافرت إلى بلاد الأندلس إن أصابك الشوق لرؤية الحمراء محاولاً إعادة المجد الإسلامي ؟
- لماذا تحاول دائماً العيش بماض مكسور لتصلحه ، ومستقبل مُبهَم لترتّبه ؟
- هل تخيّلت القيام بما تشعر تجاهه بـ ( الفوبيا ) ؟ 
- أصحيح أنك في خيالاتك قد تعيش الموقف لأكثر من مرة وبأكثر من شخصية وفي كل موقف بتصرّف ما ؟ 

تكرّرت كلمات ( التخيّل ) والتكرار هنا واجب عفويّ أجبرتني عليه صِيَغ الأحلام المتمردة على واقعنا بإتاحة الهروب إليها ، فهي الوسيلة التي ستشبع دوافعنا بشكل جزئي لتكون مصباح يدفعنا للسير في ظلمة الواقع . 
إن أحلام اليقظة يا أحبة طريق سهل ضمن الطرق الصعبة وتحقيق لحقيقة مبتعدة وإيقاظ لوعي ما قد فقدناه فأصبح وجوده مُلفت لأحداث تغيَّبت عنّا . 
الواقع قوقعة لمن ترك خيالات الطفولة وبقى حبيس غباء العين :  (التي لا ترى سوى ما تراه وهي مفتوحة ) وقد أغلق عينه عن الرؤية بذكاء أثناء إغماض العين ، فجعل حياته نظاماً روتينياً خالٍ من عقلانيّة الجنون . 

قد تصحو على زقزقة عصافير الحب وأنت الذي لم تُرزَق بعد بِحُب لكنّ استغلال هذه اللحظة بقليل من التفاؤل ونظرة جميلة لجوارك قد تُشعرك بوجود الحب الذي لطالما أردت احتضانه إلى جنبك ، وإن ذكرى وفاة صديق عزيز قد حلّت لتبكيك على جمال صنائعه قد تجعلها كقطرة ندى تُسعدك إن زرته في الجنّة بنظرة ممتلئة بابتسامة انعكاسها من ابتسامته !

إن استمراريّة أحلامنا وتخيّلاتنا في غير النوم ( بلا وعي ) أمر طبيعي ويحدث مع الكل ، رغم أن البعض ينفي حصول ذلك الأمر معه وذلك ما قد نسميه انعكاس الهرب من الواقع للخيال بردة فعل ممتلئة بالطاقة الإسرافية ، فيحدث العجز عن التمييز بين واقع وخيال بحجة الهرب للواقع فقط ! 
روتين قاتل قد يقتل بداخلنا الحلول ، ومهمّات مستحيلة قد تبعدنا عن مفهوم اللامستحيل ، ربما تكون الطريقة الوحيدة لمنع تلك الجرائم بحقّنا والهبوط الحاد في معنوياتنا هو الخوض في بعض تلك المغامرات فقيل بحسب بعض الباحثين أن أحلام اليقظة تساعدنا على استنباط الحلول وكسر القيود الراهنة لعقولنا .!

ننطلق لأهدافنا برؤية ماض نستحدثه بأسلوبنا وبتطلّعات لمستقبل أفضل مع حلول متعدّدة للمشكلات قد تعيننا على المسير فالخيالات التي يصيغها عقل وتزهو بها نبضات القلب قد تكون أقرب للواقعية في يوم ما ، متى ما كانت نافعة ومفيدة وهادفة ؛ فكثير من العباقرة قد بدأو بمختلف أحلام اليقظة ، فها هو أنشتاين يحكي أن الخيال أهم من المعرفة مثبتاً ما قد علّمته إيانا أساليب أساتذتنا التي تضمّنت ( تخيل ) فأصبحت تلك الكلمة الوسيلة والطريق الذي جسد المعرفة بالواقع . 

احلم بنجاح مسبق واعمل بجد مُجهِد لتصل ، وستَصِل لترى الحلم في واقع والواقع بِك ، وقد يرتبط حلمك في اليقظة بقانون الجذب المحمول على جانب ديني في قول الله ( أنا عند ظن عبدي بي ) . 

إن التفرّد بحق الواقع أو الأحلام .. ظلما لنا ولهما ، فهما النصفان المكمّلان لحقيقة التحقيق من رأيي المتواضع ، فمتى ما أشركناهما استطعنا مقارعة الأزمنة والأماكن بظروف متغيّرة عالية في مستواها التحفيزي الذي يجعل لحياتنا معنى وطعم مختلف . 

أحلام اليقظة صحّة للعقل ومفتاح للإبداع وتخدير لآلام الواقع وسباحة في الجنون بعقلانية المكنون ، متى ما كانت تحت قاعدة ( لا إفراط ولا تفريط ) وفي البعد عن استغلالها بما لا يرضي الرب وما يجعلها مجرد عالم هروب بلا أي عودة للواقع وبضعف الثقة بالنفس الحقيقية وأحداث الواقع الممتلئة بتفاؤلات مكنونة ضمن الرغبات . 

وعلى سبيل الحلم في اليقظة ( لنعش بقلوبنا أحداثاً قوالبها الواقع ، ولنجعل أذهاننا أدوات حاضرة ، ولنتمرد على الواقع والخيال بإبداع الأحلام ) 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طريق الأحلام ..

فرد في علاقة مجتمع ..

الكلينكال .. في نقاط !