وهمُ النــسيان ..
أحب أن أنســى ولكن أين بائع النسيـان ؟!
ذلك ما أحَبَ قوله الأديب زكي مبارك عن أسهل الطرق للحياة في نظر عبدالرحمن منيف ، والذي اعتبرها جبران خليل جـبران حــرية !
إن اضمحلال أمر ما فينا أو فقدانه من عقولنا ونزعه من قلوبـنا يعُتبر أمر اختياري لا إجباري .. وإن أُجبرنا عليه أحيانا !
فنزع الكينونـة من كونها وكأن الأمر أشبه بالعدم ونكران وجوده مسبقا ، يعني قطع الطريق في منتصفه أو تخطي الخطـايا بحــسنة النـسيان وفقد الحنين لذلك الطريق وخلوه من الأمان !
يجمع الكل على أنه نعمــة وأجمع أنا وما بداخلي من أفكار على أنه
( وهــم ) .. سأدعي ببضعة أسطر أن النسيان (وَهم) و (هَم) في حقائق عنه فينا ولكننا ننكرهـا لتأنيب ضميرنا
أنســيان ؟ ، عندمــا :
نغيبهم في المجالس ولكن حضورهم فينا حاضر وإن كان باهت ، فعدمهم .. وجود !
أنـسيان ؟ ذلك الذي يجعل دقائق غيابهم بطيئة تشعرنا بمرض العجوز الهرم الذي ينتظر موته !
أي نسيان حقيقي ونحن لا نهرب من أي شيئ سكن فينا لفترة وإن هُجر ، وما زلنا نجد فيه الحياة إن قابلناه وجها لوجه !
لا نــسيان مع كونهم حتى ( وجــعا ) عُرفوا به !
إن الإنسان غُلب بالتأجيل ، وغَلَب النسيان بتأجيله له ، فكيف له أن ينسى وقد جعل النسيان رحلة مؤجلة تحت عنوان التقاعس المجبول عليه بني آدم ؟!!
كيف لنــا أن ننسى ؟
والذكريات هوية تخفي حقيقة مالا نريد أن يعرفه غيرنا !
كيف لنــا أن ننسى ؟
وقد تكون ذكريات الماضي هوية جديدة للحاضر ، فمن لم يجعل له ماضي وتاريخ ، لن يسمح بوجود حاضر مشرف متغير له وعنه !
كيف للنسيـان أن ينجو منا وننجو منه ؟
وحياتنا عبارة عن متاهة عمرية تنجو منها ذكريات جميلة وتبقى عالقة فيها ذكريات تحت عنوان السوء .. فالمصير من هذه المتاهة يخالف النسيان .
كيف لك ان تنسى وقد جُعلت تكاليفه باهظة الثمن يدفعها ( الميت فقط ) ليشتري النسيان ويبيع الذكريات لغيره من بعده !
فالذكريــات باقية ..
النســيان .. جثة !
ولكنها تتعفن لتنهش فيها ذكرياتنا المفترسة فتبقى مخالبها فيها .
قد نطوي صفحة ما من كتاب الحياة بواسطة النسيان ، ولكنها ستنقلب وتعود مع هبوب رياح الذكريات ، فهي لم ولن تُقتلع من ذلك الكتاب !
يا إنسان .. لا تلمني فيما تظهره لنا الحياة ، وتخبرنا إياه الذكريات .. فمحض رأي تمحص من تجارب كانت كفيلة بمخالفة ( أن الإنسان اخو النسيان ) !
فنسيان الحق .. خـيانة ، وكل مافي حياتنا عبارة عن حقائق وإن كنا ننكرها !
ولا تحاول أن تنسى !
أنك إن فررت إلى ذاكرة بلا عنوان ، ففي يوم ستلقاه بلا استئذان .. ليخبرك عما كنت وما كان ,,
تعليقات
إرسال تعليق