أســدٌ ولـبوة !


العلماء يؤكدون أن الوقوع في الحب يجعل الشخص كسولا ، ومحبا للراحـة مما يزيد من غبائه علميا !

عبارة من العبارات ( الواتسابية ) العابرة والتي استفزت بعض الأفكار وأثارت الكثير من الكلمات والعبارات في ذاتي وكأني حارس شخصي تم توكيله بالدفاع عن القوة الطاهرة المشتهرة بـ ( الحب ) .

لم يعلم أولئك العلماء والمتحدثين باكتشافاتهم والناقلين لها بأن الفطرة البشرية ذات حب متأصل فيها ، ولد الإنسان بها ومعها ولا يحتاج للوقوع في الحب حتى يؤثر عليه وإنما يكبر ليتعلم فنيات التعبير عن قواها المصاحبة لها ليخوض في حياته ومراحلها المختلفة تدريبا مستمرا لإشباع حبه بالقيم والرفعة الذاتية والحرية الحقيقية ، والاهتمام والتضحية ونكران الذات من أجل المحبوب ، والفعل لإثبات القول وتحقيق معاني الاهتمام !

إن أرواحنا من الله ، قد خُلقت بحب عميق ! في أصله ( سكـينة و ارتقاء ) قبل أن يكون قوة و دهـاء .
فلا حرام فيه ولا غباء أو حتى خجل واستحياء ، وإنما سلاح ذو حدين من متطلباته الضابط ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) .

إن في الحب شفاء ، فهو المهذب المروض الملطف المريح لما في النفس من كدر وانفعال وسوء أحوال ، ومن هنا ينطلق التأثر الإيجابي للحب على صاحبه فيرتبط به ارتباطا وثيقا ليجسد الإيجابية في نظرته لكل ما حوله ، فإن العواطف والأفكار المصاحبة للحب تدفع صاحبها للمعرفة وحب استكشاف المزيد عن حبه ومصدر إلهامه في قوة ذاتية باتحاد الجسد والعقل ذات نشاط أقصى بثلاث مرات من عملهما المعتاد ، فتكسبه الفخر والشجاعة وشخصية الانتصار لمواجهة كل ما يقابله ، فيتحقق معنى الحب الحقيقي الذي تكتمل به جميع الطاقات كما يصفه المتخصصون في علم النفس والطاقة .

وقد قيل بأن الأسد وهو ملك الغابة وأقوى مخلوقاتها إلا أنه رقيق القلب يبحث عن حبا يزداد به قوة فتكون أنثاه اللبوة حاضرة من أجله في حبها ، فتؤنس وحشته لتكون ضالته التي ترققه في أحضانها وتجعل منه أسدا مهابا خارج عرينه .

يشاع بأن الأسد هو الحيوان الوحيد الذي يخاف من لبوته مما يجعل المعلومة أضحوكة ، والأصل أن الخوف هنا موطن للحب والاحترام ، فالحب والخوف في منظور آخر متلازمان ( فخوف من الشيء لأجله ) ، وأضرب مثالا بعيدا وأرقى من كل أحاديثنا عن العلاقة بين العبد وربه كما وصفها الشيخ سلمان العودة بأن العبد يخاف ربه حبا وتوددا وتقربا إليه فكان الحب هنا احتراما و قوة حسنة للعبد في حياته وعباداته ليصل بالطريقة الصحيحة لربه سبحانه جل في علاه .

أرجح فيما وصفه أولئك العلماء عن الحب والغباء بمنظوري ، وتفسيرا لدراستهم بأنه الحب المصاب بحالة
( العمى ) والتي تجعله مؤقتا لا تُرى فيه التفاصيل بحكمة وتغلفه الأقنعة والقناعات ( التسليكية ) من أجل غايات لا سمو فيها ولا نقاء فيفتقد عنصر الاستمرارية وتُفتقد معه كل معاني الحب الراقية وقواه الحقيقية .

إن الحب الذي يرفض ( التغيير ) تبعا للمتغيرات اللازمة في هذه الحياة هو حب زائل ، فالتغيير من القواعد الوجودية المستمرة في جميع الأجيال والمجتمعات ولذلك علاقة الحب الحقيقية تكون مرنة تنمو وتتجدد وتزداد مشاعر فنحن ننمو ونكبر بالسن وتتغير أشكالنا وأوزاننا بل وحتى مشاعرنا تبعا لظروف حياتنا ، فالحب الثابت على حالة واحدة غير مرنة في الاتجاه الصحيح سيجعل من عقل صاحبه صندوقا منغلقا وقلبا بلا حياة نابضة .
الحب عبادة لا يتوقف القلب عن أدائها ، فهو ليس مجرد مشاعر نحو أشخاص محددين ، بل مجرة كونية ذات كواكب متعددة الحيوات يتسع مداها ويضيق بقدر ترجمة مشاعره وتأثيرها الحقيقي على صاحبه .

الحب شفاء ، فالعلاقة بين العقل والجسد توضح كيف أن الحب يشفي !

فمشاعر الحب وتبادلها مع كائن من كان من مخلوقات أو حتى جمادات تكون مصحوبة بإفراز هرمون الأوكسيتوسين والذي يعرف بهرمون الحب ، والذي يحث الإنسان على الترابط والتواصل مع الآخرين بل ويحمي من الآثار السلبية الناتجة عن الضغوط النفسية والجسدية المختلفة .

أجرت الدكتورة هيلين فيشر دراسة عما يحدث للدماغ في حالة الحب ، و وجدت أن الدماغ يفرز هرمون الدوبامين بشكل كبير ومتكرر مما يبعث على النشاط والحيوية والقوة والتكريز والتغلب على المشاكل المعقدة و التضحية من أجل تحقيق الغايات له ولما يحبه . والعكس تماما فمشاعر الكره والبغض تجعل من صاحبها ضعيفا هزيلا مكتئبا محدود التفكير .

سبحانه جل في علاه ، قد خلقنا بحب وأصل فينا الحب لنكون قادرين بإذنه على الشفاء الذاتي للعقول والأجساد والأرواح !

علينا أن نؤمن بالحب فهو الحياة ، حُث عليه في الإسلام وهذب الله أصوله ، ودعا إليه المصطفى عليه السلام ..
فالحب بنقاء وذكاء .. رزق و عطاء وحياة ملؤها السعادة و الهناء  .

أختم بقول الحبيب عليه أفضل الصلاة و السلام عن السيدة عائشة رضي لله عنها ( إني رُزقت حبها ) ..



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طريق الأحلام ..

فرد في علاقة مجتمع ..

الكلينكال .. في نقاط !