السفر .. حكمة وحقيقة 2

قبل برهة من الزمن كنت أتحدث إلى إحدى اخواتي اللطيفات والتي تصغرني سنا ولكنها قد تكبرني حكمة وعقلا ! لكنها لم تدرك أنها ستفقد تلك الحكمة إن وجدت فيها ، لأن عاطفتها ستقتل كل حديث تخوضه .. فالعاطفة قبر للحقائق والوقائع وإن كانت مؤلمة .

وما بين إصرارها على أن الشخص لو أحب شيء سيحب كل ما يشبهه بالاسم ، ونسيانها بان لكل شيئ شيئ يمتاز به أو حتى يُعاب به ، سقطت في فخ حبها لذلك الشيء مهما كان وجعلت نقطة قوتها في أن تلك الأشياء المتشابهة تجتمع في أن ( لكل شيء من اسمه نصيب ) فاتفقت معها في نقطة جلية ولا غبار عليها واختلفت معها في صلب الحوار ومربط الفرس فيه بأننا لو أحببنا صالح وكان صالحا فعلا فيعني أن كل شخص اسمه صالح مثل ذلك الذي أحببناه وذلك خطأ عظيم فليس كل صالح صالح أو بما سُمي به أو سيقوم بما قام به من أحببنا وقس على ذلك .. مما جعلني أتيقن بأن الحياة تحتاج لمواقف وتجارب وخبرات حتى نتحاور في أمورها أحيانا وليس العلم وحده أو القراءة وحدها كفيلة بأن نتخذها حجة وحاجة .. فالقواعد لها شواذ ولا يمكننا الأخذ بها أو ببعض من كل ! وهنا أجد أن أختي قد سُلبت تلك الحكمة ..

وفي ناحية اخرى من العالم وفي برهة أخرى من الزمن كنت اتحدث لذات الأخت اللطيفة مخبرا إياها بأني سعيد جدا في رحلتي عدا أنني قابلت شخصا استخدمت معه قاعدتها في أن لكل شخص له من اسمه نصيب وأطلقت فَرَاسَتِي بالحكم عليه بانه ( ساذج ) مدعما موقفي بأن الأرواح جنود مجندة وببعض الملاحظات التي لابد وأن تكون حاضرة فيه ولكنها غائبة تماما لأسباب مجهولة رغم سنه ومكانته العلمية والعملية مما أثار الدهشة في نفسي ..
الأهم أن اختي تناست في لحظة كل كلماتها تلك لترميني بتهم قاسية وكأني شخص أناني متسرع متكبر في الحكم وحقير مُحتقِر !
رغم إدراكها تماما لنقاطي التي لاحظتها عليه وأن وجودها مهم في شخص مثله ، لكن لا بأس فالتروي هنا هو الحل الأمثل لإعادة النظر في شخصه الكريم من أجل أخت حنون ..

ولأن نقدها كان حادا نوعا ما تيقنت بأني جدير به فهو سيبني ما بدأت به وسيزيدني ثقة بأن عوامل إصدار الحكم تكون واقعية بما نراه نحن وندركه أمامنا لا بما يسمعونه هم ويتخذون من طيبتهم حكما طيب لأولئك وغير طيب علينا .. ولأن الطيبة الزائدة عن حدها هبل بحد ذاتها فكانت إحدى جوانب الحكم كذلك فوصل بطيبته لدرجة ( السذاجة ) مما أجبرني على قول ذلك ، فنعم الطيبة في غير محلها غباء وإيصالها للقمة وحدها بلا دهاء ( عناء ) !! وكانهم يتناسون ( لست بالخب ولا الخب يخدعني ) فكان الخطاب رضي الله عنه أطيب الخلق وأدهاهم فكانت طيبته ذات رونق خاص لو حاولنا تطبيق ما قال لكانت قلوبنا عامرة بأجمل طيب وكانت عقولنا داهية بما يحمينا من أحكام كهذه أو حتى من ظروف حياتية معاتية ممتلئة بآباليس الإنس ..
استدرجت نفسي للبحث عن مقارنة في أحد أخطاء ذلك الشخص والتي كانت تتعاظم لحظة بعد لحظة ظاهرة جلية في لغة الحديث والمشترط التحدث بها هناك .. فكان خطأه عظيما هنالك وعظيما على الأقل بالنسبة لي .. والمفزع أنه بسيط بالنسبة لأختي رغم إدراكها لأهمية الأمر .. فأصدرت حكما بان كفتي هي الراجحة تبعا لما تقتضيه الوقائع والحقائق هنا وهناك وفي كل مكان وإن كانت مؤلمة .. والمحفز الأكبر ( من تعلم لغة قوم أمر مكرهم ) فلم يعلم أو يتعلم أو حتى يسلم ..


ولأنه دوما ما ينبغي علينا تخطي النقد والحكم إلى إيجاد بدائل وحلول فتحدثت إليه عما فيه فكان الاعتراف لأكون المنتصر له والمعجب به لذلك فقط ! وأهم مافي النفس أنها قد مضت في طريق بين حق وباطل وبين هداية وضلال مترنحة في الحكم حتى ظهرت الحقيقة !
والحقيقة هي أننا بشر ممتلئين بالأخطاء والعيوب ونقاط الضعف ، لكن إدراكها ومعرفتها والعمل لها وعليها مهمة سامية متركزة على الذات أما ترك الخطأ بلا لفت نظر فيعني أن جزء الضعف قد أصبح مصنعا يتسلط من خلاله على صاحبه كل المترصدون ، فكان هنا الدرس بأن للخطأ عدة طرق : أولها صناعته وثانيها الاستمرارية فيه وثالثها ملاحظته ومن ثم تغييره !

ولو أننا صنفنا الأناس بأخطائهم لكنا قادرين غير مغيرين ، ولو أننا صنفناهم وتحدثنا لهم لأصبحنا بنائين ، ولو أننا اتخذنا الأفعال والحقيقة والواقع والفرضيات المنطقية أحكاما لكنا مفسرين ولكن لنجعل ( الأرواح جنود مجندة والنظرة التوقعية المبنية على معطيات جلية ) هي أحكامنا لنكون حكماء ..

فكانت إندونيسيا بداية حُكْم بحكمة ناجحة لهم ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طريق الأحلام ..

فرد في علاقة مجتمع ..

الكلينكال .. في نقاط !