السفر .. حكمة وحقيقة ١

صباح تجلى بعد كحلة ليل دامس .. يتغنى بزقزقة عصافير شجية تيقظني بعد ساعات مشقة وعناء تصف المعنى الحقيقي لـ ( السفر قطعة من العذاب ) !! 

وكأن الفجر لم يكن ذا صوت حي هنا وسط زحام البنيان وصخب أصوات ما بداخل العمران على خلاف ما قد تستيقظ عليه من نقاء صوت يحدث رنين داخل أذنيك عنوانه ( الصلاة خير من النوم ) ولكن هذه المرة بالطريقة (الإندونيسية) ! 

الكل هناك يقارع الوقت ويجاريه فالشوق في أرواحهم لما حولهم تلقائي ، كما الصباح تماماً يهيج حباً لأجفان طواها نوم ليل هاديء ، والحب في أنفسهم لقول الرحيم ( وجعلنا الليل لباسا ، وجعلنا النار معاشا ) .. 
وكأني أتلقى أولى الدروس على طريقة صفعة أتت على الأمر المكروه في حياتي ( السهر وانقلاب آية الليل والنهار ) !!

شعب ترى البسمة عنوانهم لتسهل بعدها كل العناوين فلا إحباط إلا وقُتِل بالأمل ولا كسل إلا وحرَّكه العمل ، ولا حقد ولا حسد فبدايتهم دوماً بوعود يقطعونها على أنفسهم ومع الواحد الصمد ، وكأن الثورة فيهم بالحق على الباطل وبالعلم على الجهل .. فيطيب يومهم بطيب أنفسهم .. 

فتجد الحب عنوانهم لدينهم ، لعلمهم ، لعملهم ، لوطنهم ، لغايتهم ، لأشخاص حولهم ولِضيوف جمعتهم بهم غاية واحدة شريفة عنوانها ( التطوع ) ! 
ليخبروك بلا كلمات بأن مصدر قوتهم هو الحب وأنه دوماً سبب للقرب لكل شيء ، فأتذكر صوت حمود الخضر حين أنشد ( نعم لابد من حب .. ) 

الدهشة !! 
ما زالت عنوانا لأفكاري ، فالغربة الآن هي غربة المكان والزمان فقط !! فجمال المكان يشعرني وكأنني في جزء من جنات الله في الأرض ، وغربة الزمان لأني يقظ أمام كد وعمل وأحبتي هنا في سبات يعمهون ، لتظهر سذاجة شخص بكلمات عكرت تأملي وتمتماتي التي كانت عنهم وعن حالهم وحالنا بقوله ( الطبيعة والجو تساعدهم عاللي هما فيه ) !! 

لحظة يا هذا ، أقصد يا ثرثار .. 
لنفترض صحة حديثك ، هم قوم رزقوا بما قد حسدتهم عليه وأنت رزقت بما قد عرفوك واشتهرت به لكنهم لم يكنوا لك  أي من مشاعر الحسد تلك ، فقط فوارق سأبدها معك بـ أينك من محاولة ( المعرفة ) حتى وإن كانت لأبسط الأمور ، أينك من علم سخر لهم الكون فقد أخذوا على عاتقهم بـ ( وعلم آدم الأسماء كلها ) ! فكانوا من اللاشيء إلى كل شيء على الأقل فيما يخص حياتهم فكنت أنت وشاكليتك زوارا دائمين لهم !! 

( هي أشياء لا تشترى ) .. 
هذا ما جعلك تحتقرهم لأن ما وهبك الله إياه لايمكنك به أن تحصل على ما عندهم وحتى إن جاءت فترة وقد حصلت فلم تعد تحصل على شيء الآن ، فجعلت قوتهم بالطبيعة حجة عليك لا لك أو حتى لهم أو عليهم فخسرت كل أطراف كلماتك الواهية ، ولم تفكر حتى بتأمل بسيط فأثرت في نفسك نقطة ضعف أضعفتك وموقفك وستظل حتما كذلك !! 
باعتقادي أن الاستمرارية في ذلك الموقف من الانحيازية الجاهلة المبنية على اعتقاد أن صاحبها هو الأفضل لن تجعله يعرف معنى المعرفة أو يصل لإصلاح الفكرة أو حتى التقبل ، فيظل في ظلمات حياته النفسية والاجتماعية والفكرية وكأن النور بالنسبة له في الجانب الاقتصادي فقط !! 
فقد نسينا أن الخير في الإيمان والحب لتتوالى تبعاً لذلك نجاحات الدنيا والآخرة ضمن نطاق السعادة والرضا والقناعة .. 

فأجد هنا أن صديقنا ذلك وغيره من نفس فئته أحوج ما يكونوا إلى معرفة أنفسهم وحالهم قبل حال غيرهم والحديث عنه ! 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طريق الأحلام ..

فرد في علاقة مجتمع ..

الكلينكال .. في نقاط !